JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

Home

الرسالة الأخيرة


 


---

 

في إحدى القرى النائية، كانت تعيش فتاة صغيرة تُدعى سارة. كانت سارة طفلة مفعمة بالحيوية، تحب اللعب مع أصدقائها في الحقول والحدائق المحيطة ببيتها. كانت تعيش مع والديها في منزل بسيط، وكانوا أسرة متماسكة رغم ظروفهم الاقتصادية الصعبة.

 


كان والد سارة، أحمد، يعمل في المدينة البعيدة ويعود إلى البيت كل نهاية أسبوع. كان يبذل جهدًا كبيرًا ليؤمن حياة كريمة لأسرته، وكان سعادة سارة هي أهم شيء في حياته. كلما عاد من المدينة، كان يجلب معه هدية صغيرة لابنته، وكانت سارة تنتظر يوم الجمعة بفارغ الصبر لرؤية والدها.

 

ذات يوم، مرضت والدة سارة بشكل مفاجئ. كانت تعاني من ألم شديد في بطنها، ولم يتمكن الأطباء في القرية من تشخيص حالتها بدقة. اضطر أحمد إلى نقل زوجته إلى المدينة لتلقي العلاج. كانت سارة صغيرة جدًا على أن تفهم مدى خطورة الوضع، لكنها شعرت بالخوف عندما رأت والدتها تذهب بعيدًا.

 

في المدينة، اكتشف الأطباء أن والدة سارة مصابة بمرض خطير في الكبد. حاولوا علاجها، لكن حالتها كانت تزداد سوءًا يومًا بعد يوم. كان أحمد يمكث بجانب زوجته طوال الوقت، لكنه كان يفكر في سارة التي بقيت وحيدة في القرية مع الجيران.

 

مع مرور الأيام، ازدادت حالة والدة سارة تدهورًا، وعلم أحمد أن النهاية قريبة. في لحظة من اللحظات الصعبة، طلبت الزوجة من أحمد أن يكتب رسالة لسارة. أمسك أحمد بالقلم وبدأ يكتب، وهو يحاول أن يخفي دموعه عن زوجته. كتبت الأم كلماتها الأخيرة لابنتها، تودعها وتطلب منها أن تكون قوية، وأن تذكرها دائمًا بحب.

 


توفيت والدة سارة في تلك الليلة، وعاد أحمد إلى القرية وحيدًا. لم يكن يعرف كيف سيخبر ابنته الصغيرة بأن والدتها لن تعود أبدًا. عندما وصل إلى البيت، كانت سارة تنتظره كعادتها في يوم الجمعة. رأت سارة والدها يدخل البيت وحيدًا، وحملت بين ذراعيه رسالة ملفوفة.

 

جلس أحمد بجانب سارة وقال لها بصوت متهدج: "أمك كتبت لك هذه الرسالة، يا حبيبتي." لم تكن سارة تفهم تمامًا ما يجري، لكنها شعرت بشيء ثقيل في قلبها. أخذت الرسالة وبدأت تقرأ.

 

كانت الرسالة قصيرة، لكنها كانت مليئة بالحب والحنين. كتبت والدتها: "عزيزتي سارة، إذا كنت تقرئين هذه الرسالة، فهذا يعني أنني رحلت. لكنني سأظل معك في قلبك، أحبك كثيرًا وأريدك أن تكوني قوية، تمامًا كما كنت دائمًا. اعتني بوالدك وكوني فتاة طيبة. أحبك إلى الأبد."

 

بكت سارة طويلاً بعد قراءة الرسالة. كانت تعرف أن حياتها لن تكون كما كانت من قبل. لم يعد هناك أحد يجلب لها الهدايا الصغيرة التي كانت تنتظرها، ولم تعد هناك من تدفئها بأحضانها في الليالي الباردة. عاشت سارة مع والدها، ومرت السنوات، لكن الألم لم يذهب أبدًا. احتفظت بالرسالة في صندوق صغير تحت وسادتها، وكانت تقرأها كلما شعرت بالحزن أو الوحدة.

 


على الرغم من مرور الزمن، لم تنس سارة أبدًا حب والدتها وكلماتها الأخيرة. كبرت وأصبحت امرأة قوية، لكنها حملت دائمًا في قلبها تلك الفتاة الصغيرة التي فقدت أمها في سن مبكرة، والرسالة التي كانت تمنحها القوة لمواجهة الحياة.

 

---

 

هذه القصة تعكس واقعًا مؤلمًا مر به الكثير من الأشخاص الذين فقدوا أحد أحبائهم في سن صغيرة. إنها قصة عن الفقدان، القوة، والذكرى، وكيف يمكن للحب أن يظل معنا رغم غياب الأحباء.

NameEmailMessage